عاش متواضعا" فاعتبروه مغمورا"، عاش ببساطة فعتبروه عاديا"، عاش بتسامح فعتبروه تحصيلا" حاصلا"، وبعضهم ظنوا انه قد مات...فيالثامن والعشرين من آب 2009 انهى وديع الحاج مسيرة الاربعين عاما" ، اغمض عينيه براحة بال وضمير، باطمئنان ومعرفة انه عمل ما بوسعه ، اعطى ما لديه، والتزم قضية انسان ووطن.
في ذلك اليوم استغرقتني احزاني بل اغرقتني، فلم أكن أدري ان النسر الجريح الذي لم يوهن كبرياءَه، على يقيين انه شارف على انهاء المهمة، لاواجه واياكم لحظات الوداع المرير.
اعرف جيدا" ان رحيله لا يزال مسألة صعبة لمن احبوه، وغير منسجمة مع نبضات قلوبهم، لأن رحيله ليس رحيل طبيب نطاسي فحسب، بل رحيل مدرسة انسانية وثورة اجتماعية ، فهو صاحب رسالة عظيمة خلقت قاموسها ببساطة وانتشرت بلا تعقيد في ارجاء القرى التي وطأها.
يوم ودّعته للمرة الاخيرة احسست انه لم يكن يوما" ملكي ولا ملك عائلته الصغيرة كان ملك الناس ملككم، فعاهدته وعاهدتكم انه لن يموت، ووعدته ووعدتكم ان عيادته لن تقفل، ولان وعد الحرّ ديّن نجتمع اليوم معا" لنشهد انه عاد لينبض من جديد في مؤسسة تحمل طيبته وعفويته ومحبته للناس، مؤسسة يلتمس فيها محبوه حنانه ورعايته لهم،مؤسسة تبذل كل جهد لترى انماءا" مستداما" في كل القرى والبلدات التي احبها فاعلن اليوم عن انطلاق: "مؤسسة الدكتور وديع الحاج"
ويا له من يوم عظيم ، فاليوم ايضا" وبعد سنة على الاقفال القسري القدري، تعود عيادته لتعج بمرضاه، هذه العيادة التي لا طالما كانت أكثر من مستوصف تعود لتحمل اسمها الصحيح "مستوصف الدكتور وديع الحاج الخيري-مركز بسكنتا والجوار"، لتبقى المكان الابرز الذي يشهد للتاريخ وللاجيال الصاعدة عن رسالة زعيم بسكنتاوي اسمه وديع الحاج.
فليس بالضرورة أن تغمض عينيك ويتوقف قلبك عن النبض كي يقال عنك : أنك فارقت الحياة، فهناك الكثير من الموتى ، يتحركون، يتحدثون، ويضحكون، لكنهم موتى ... يمارسون الحياة بلا حياة ، انت اليوم أقوى، وافعل، ونحن اليوم مخلصون وأفياء اكثر.
نحن اليوم ملتزمون قضيتك ورسالتك ، مصممون على تحقيق احلامك ضمن المبادئ والثوابت الوطنية والاخلاقية التي ارسيتها لنا. بعد اليوم، لن يكون وديع الحاج مجرد شارع في بسكنتا، أومجرد نصب أو مستوصف أومؤسسة، بل حالة إنسانية وسياسية ملزمون بالدفاع عنها، لأننا بذلك ندافع عن كرامتنا وعيشنا وكياننا ومستقبلنا.
فان كانت السياسة في القاموس اللبناني فن الكذب ستبقى عندنا فن الصدق !وان كانت الانتخابات مسرحا" لتقاسم المغانم والمكاسب ستبقى عندنا محطة لتحقيق افضل تمثيل للفئلت المحرومة والمهمشة.
أحبائي، شكرا" لكم فبفضلكم حققنا ما حققناه واعاهدكم ان ما دام في الجسد دمّ، وفي القلب نبض وفي العمر بقية سنبقى معا" لا يرفرقنا شيئ طالما وديع الحاج يجمعنا.
رازي وديع الحاج